الحجر الأسود في مكة المكرمة: كشف أسراره المقدسة
الحجر الأسود، المعروف أيضًا باسم الحجر الأسود باللغة العربية، هو جسم مقدس مثبت في الركن الشرقي من الكعبة في وسط المسجد الحرام في مكة المكرمة.
ويمتلك الحجر الأسود قدسية كبيرة لدى المسلمين باعتباره أثرًا إسلاميًا يعود تاريخه إلى زمن آدم وحواء، ويقبله أو يلمسه الحجاج الذين يؤدون طقوس الطواف حول الكعبة أثناء الحج أو العمرة اقتداءً بهدي النبي عليه الصلاة والسلام.
في هذا المقال سوف نستكشف تاريخ الحجر الأسود وأهميته وأسراره وما هو أصله وما اختلف عليه!
ما هي قصة الحجر الاسود؟
أصل وطبيعة الحجر الأسود ارتبطت لفترة كبيرة بروايات من الغموض والأسطورة لم يعرف صحيحها من كاذبها؛ إلا أن جمهور العلماء أجمعوا على صحة الحديث (أنه أصله من الجنة)، وأنه كان أبيض اللون ولكنه تحول إلى اللون الأسود بسبب خطايا البشرية.
ويرجح بعض المؤرخين والعلماء أن الحجر الأسود ربما كان نيزكًا أو صخرة بركانية أو قطعة من البازلت كان يقدسها عرب ما قبل الإسلام باعتبارها حجرًا مقدسًا مرتبطًا بآلهتهم، وخاصة هُبل الآلهة.
ما هو تاريخ الحجر الأسود؟
وكان الحجر الأسود أيضًا هدفًا للعديد من الحروب والغارات عبر التاريخ. حيث أنه في عام 683 م، حاصر الجيش الأموي الكعبة وأحرقها، وتم تحطيم الحجر الأسود إلى عدة قطع بواسطة المنجنيق، وتم لاحقًا ضم الأجزاء بإطار فضي.
وفي عام 930 م، سرق القرامطة الحجر الأسود – وهم طائفة إسماعيلية متطرفة – وأخذوه إلى قاعدتهم في البحرين واحتفظوا به للحصول على فدية. ومن ثم أعادوه عام 952 م ولكن ليس قبل تحطيمها إلى قطع أصغر وخلطها بالدهون الحيوانية. بعدها، تم تنظيف الحجر وترميمه على يد الخليفة العباسي.
في عام 1925، تعرض الحجر الأسود لأضرار على يد مجموعة من المتمردين الوهابيين، الذين حاولوا تفجير الكعبة المشرفة. وتم إصلاح الحجر من قبل السلطات السعودية، كما قامت باستبدال الإطار الفضي بإطار من الفولاذ المقاوم للصدأ.
احجز إقامتك بأفضل الفنادق بمكة المكرمة والمدينة المنورة الآن!
ماذا يقول القرآن عن الحجر الأسود؟
لم يذكر القرآن الحجر الأسود صراحة، لكنه أشار إلى الكعبة ومناسكها في عدة آيات. فمثلاً في سورة البقرة الآية 125 يقول تعالى:
{إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}.
أيضًا، قال تعالى في سورة الحج الآية 26 :
{ذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}
ويقول تعالى في سورة المائدة الآية 97:
{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ۚ ذَٰلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
تشير هذه الآيات إلى أن الكعبة وشعائرها جزء من تدبير الله وحكمته، وأن لها معنى روحانيًا ورمزيًا عند المؤمنين. ومع ذلك، فإن القرآن لا ينسب أي قوة خاصة أو قدسية للحجر الأسود نفسه، ولا يأمر المسلمين بتقبيله أو لمسه. بل يؤكد وحدانية الله وصفاء عبادته.
ما أهمية الحجر الأسود؟
الحجر الأسود مهم بالنسبة للمسلمين لأنه صلة بالأنبياء وتاريخ الإسلام. ويُعتقد أنها الأثر الوحيد الباقي من الكعبة الأصلية التي بناها إبراهيم وإسماعيل، والتي تم تطهيرها وترميمها لاحقًا على يد محمد صلى الله عليه وسلم، خاتم أنبياء الله.
كما يعد الحجر الأسود رمزًا لوحدة المجتمع المسلم وتضامنه، فهو محور الحج وقبلة الصلاة لجميع المسلمين في جميع أنحاء العالم.
علاوة على ذلك، فإن الحجر الأسود هو تذكير برحمة الله ومغفرته، الذي يقبل التوبة من عباده، ويطهرهم من ذنوبهم. وفقا لحديث (قول النبي) الذي رواه ابن عباس، قال محمد:
«نزل الحجر الأسود وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم».
وحديث آخر رواه عمر بن الخطاب، الخليفة الثاني للإسلام، يقول:
«إني أعلم أنَّك حجر لا تضر ولا تنفع، ولكني أُقبلك لأني رأيتُ النبيَّ يُقبلك».
فهذه الأحاديث تدل على أن الحجر الأسود ليس صنماً ولا بركة ولا شيئًا يُتعبد به، بل هو علامة فضل الله وشهادة على السنة النبوية.
هل يجوز لمس الحجر الأسود أثناء العمرة؟
العمرة هي حج تطوعي يمكن أداؤه في أي وقت من السنة، بخلاف الحج فهو واجب وله وقت محدد. تتكون العمرة من أربعة طقوس رئيسية: الإحرام، الطواف (الطواف حول الكعبة)، السعي (المشي بين تلال الصفا والمروة)، والتحلل (قص الشعر أو حلقه).
ومن أعمال الطواف لمس الحجر الأسود أو تقبيله إن أمكن في بداية كل شوط ونهايته. لكن هذا ليس واجبا، وإذا كان المكان صعبا أو مزدحمًا، فيمكن للمرء ببساطة أن يشير إلى الحجر بيده اليمنى ويقول “الله أكبر”.
لمس الحجر الأسود أو تقبيله هو عمل من أعمال التعظيم والمحبة، وليس عبادة أو خرافة. وهي أيضًا طريقة للاقتداء بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام الذي كان يفعل ذلك كلما طاف. وفي حديث رواه جابر بن عبد الله، قال محمد:
وقد جاء في فضل مسح الحجر الأسود قول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أحمد عن ابن عمر: “إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً”.
فهذا الحديث وغيره من احاديث عن الحجر الاسود تدل على أن لمسه أو تقبيله هو من أسباب المغفرة والفضل واقتداء أفعال النبي الكريم، وأن للحجر مكانة وقيمة خاصة عند الله.
هل الحجر الأسود من الجنة؟
كما ذكرنا سابقًا، تنص بعض التقاليد الإسلامية على أن الحجر الأسود أنزله الله من السماء ليكون دليلاً لآدم وحواء إلا أن هذا ليس اعتقادًا قطعيًا أو إجماعيًا، وهناك آراء وتفسيرات أخرى بين علماء الإسلام.
ويشير بعضهم إلى أن الحجر الأسود ربما كان نيزكًا سقط من السماء وكان يعتبره العرب القدماء شيئًا مقدسًا.
ويرى آخرون أن الحجر الأسود ربما كان صخرة بركانية أو قطعة من البازلت تم جلبها من جبل أو واد قريب ووضعها في الكعبة. لا يزال البعض الآخر يقترح أن الحجر الأسود ربما كان قطعة من حجر أكبر كان يعبده الوثنيون في مواقع وأزمنة مختلفة، وقد تم نقله في النهاية إلى الكعبة بواسطة محمد أو أصحابه.
والحق أن الله أعلم بأصل الحجر الأسود وطبيعته، وأنه ليس من مسألة عقيدة أو مذهب عند المسلمين. والمهم أن الحجر الأسود رمز لعهد الله وشاهد على وحدانيته وعبادته. كما يقول الله في القرآن:
{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ. فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.
ما هي أسماء الحجر الأسود؟
سمى البعض الحجر الأسود باسم الحجر الأسعد، ولكن هذه التسمية لم تثبت صحتها في أي من الأحاديث المسندة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أطلق عليه بعض الأسماء الأخرى بسبب الاختلاف على أصل الحجر؛ على سبيل المثال: الحجر القادم من الجنة.