تقوم عقيدتنا الاسلامية السوية على مجموعة من الحقائق منها أن لكل شيء خاتمة ونهاية ولا يبقى إلا الله عز وجل – كذلك هي رحلة سيدنا محمد نبينا الكريم العظيم الذي بذل كل غال وثمين في سبيل نشر الدعوة كما كلفه بها الله جل جلاله، هذه الرحلة السعيدة التي كانت النواة لحضارة إسلامية عظيمة لا زالت تُبهر العالم حتى يومنا هذا.
بدأ نزول الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو في عامه الأربعين، حين كان معتكفاً في غار حراء ثم نزل عليه جبريل وطلب منه أن يقرأ وكان يجيب بأنه لا يستطيع القراءة “ما أنا بقارئ” ثم قال له جبريل اقرأ باسم ربك الذي خلق وتلى عليه أول آيات القرآن الكريم وكانت هذه هي البداية لرحلة مُلهمة لرسول عظيم أفنى شبابه وحياته في تنوير الناس بعد عصور طويلة من الجهل والظلام.
بدأ رسول الله دعوته في مكة ثم هاجر بعدها إلى المدينة هربا من إيذاء قومه حيث قضى ثلاثة عشرة عاما في المدينة واستمرت دعوته ثلاث وعشرين عاما لنشر الإسلام في شبه الجزيرة العربية.
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام الخمسة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً).
بعد التوجه إلى مكة يقوم الحاج بالإحرام وذلك في الثامن من شهر ذي الحجة لقضاء يوم عرفة بعدها يتجه الحاج لرمي الجمرات ثم يتوجه إلى عرفة لقضاء يوم التروية، ثم يتوجه إلى منى في جمرة العقبة الكبرى ثم يعود الحاج إلى مكة للقيام بطواف الإفاضة، ثم يعود إلى منى لقضاء أيام التشريق ويعود الحاج إلى مكة مرة أخرى للقيام بطواف الوداع بعدها يغادرلزيارة الأماكن المقدسة.
حجة الوداع وهي آخر حجة حجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودع فيها الصحابة رضوان الله عليهم وكانت في العام العاشر للهجرة حيث توفي صلى الله عليه وسلم في العام الحادي عشر للهجرة في شهر ربيع الأول.
قضى سيدنا محمد وصحابته الليلة خارج مكة، ووصلوا إلى المسجد الحرام في اليوم التالي، دخلوا من باب السلام واقتربوا من الكعبة، ثم بدأ الرسول في الطواف حول الكعبة، وبعد ذلك لمس الحجر الأسود وقبله، وبعد الصلاة شرب من بئر زمزم، ثم تابع السعي بين الصفا والمروة.
مع غروب شمس الثامن من ذي الحجة، غادر الرسول إلى منى وأدى جميع الصلوات من الظهر حتى الفجر، قبل أن يغادر إلى جبل عرفات في صباح اليوم التالي، ثم صعد إلى الجبل، يحيط به آلاف الحجاج وألقى خطبة الوداع حيث نزل فيه الوحي مبشراً “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً”.
هناك العديد من الدروس المستفادة من خطبة حجة الوداع حيث اشتملت هذه الخطبة على العديد من المبادئ والقيم العالية الرفيعة التي حرص الرسول صلوات الله وسلامه عليه أن يُرسيها في أمته قبل إنتقاله إلى الرفيق الأعلى نذكر أهمها على النحو التالي:
ًوأخيراً، أكدت خطبة الوداع على الإيمان بلقاء الله ومحاسبة الناس على جميع أعمالهم.. فلم تكن مجرد خطبة وداع ولكنها بمثابة منهاجاً كاملا علينا أن نتبعه حتى تستقيم أمور حياتنا في الدنيا والآخرة.