تاريخ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعجزات ميلاده
أيام قليلة ويهل علينا المولد النبوي وبهذه المناسبة نستعرض معكم تاريخ مولد الرسول ، كذلك النبوءات والمعجزات التي سبقت ميلاده الشريف.
وقد جاء مولد الرسول الكريم بعد سيدنا عيسى عليه السلام ب 500 عام وبعد 50 يوم من محاولة أبرهة الحبشي هدم الكعبة في عام الفيل، وكأن ميلاده هو رحمة للعالمين ومن أكبر النعم على البشرية كما قال الله تعالى ” كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُوعَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ* فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ”
تاريخ مولد الرسول عليه الصلاة والسلام؟
ولد رسول الله في عام الفيل فجر يوم الثاني عشر من شهر ربيعٍ الأول الموافق يوم الإثنين، لقوله -عليه الصلاة والسلام- لما سُئل عن فضل صيام يوم الإثنين “ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، وفيهِ أنزلَ علىَّ القرآنُ. واجتمع العلماء والمؤرخون بأن هذا التاريخ يتوافق مع شهر إبريل من عام 571 ميلاديًا ولكن اختلفوا ان كان ولد في العشرين أو الثاني والعشرين من شهر إبريل.
أين ولد النبي عليه الصلاة والسلام؟
وُلد المصطفى -عليه الصلاة والسلام- في شِعِب أبي طالب والتي عُرفت أيضًا بِشِعب بني هاشم بمكّة المكرمة.
إقرأ ايضاً: خطبة الوداع والدروس المستفادة لجموع المسلمين
نشأة سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه
عاش الرسول الكريم يتيمًا فمات والده قبل ميلاده وقيل بعد ميلاده بسبعة أشهر كما توفيت عنه أمه السيدة آمنة قبل السابعة من عمره، فعاش النبي في كفالة جده عبد المطلب ثم عمه وفي حضانة أم أيمن مولاته وحاضنته التي ورثها عن أبيه عبد الله واعتقها عندما تزوج من السيدة خديجة.
وأم أيمن اسمها بركة بن ثعلبة وتزوجت بعد ان أعتقها الرسول صلى الله عليه وسلم من زيد بن حارثة الذي وهبته له السيدة خديجة وأحبه الرسول حبًا جما فأنجبوا الصحابي أسامة بن زيد من أحب الصحابة رضي الله عنهم جميعًا إلى قلب رسول الله.
وقد أصبحت أم أيمن حاضنة المصطفى بعد وفاة والدته السيدة آمنة في طريقها من المدينة المنورة إلى مكة، وكانت أم أيمن في رفقتها فعادت به إلى مكة واعتنت به منذ ذلك الوقت وغمرته الحب والعطف. وقد كان حب أم أيمن وجده عبد المطلب للرسول صلى الله عليه وسلم واهتمامهم به تعويضًا له عن فراق والديه ويتمه.
ورغم كبر سنها فقد شاركت أم أيمن الرسول في عدة غزوات لمداواة الجرحى والجهاد في سبيل الله مع الصحابيات فشاركت في غزوة أُحد وغزوة خيبر. وقد كانت من الصابرين عندما بلغها خبر استشهاد زوجها زيد ابن حارثة ومن بعده أبنها أيمن من زوجها الأول عبيد بن زيد الخزرجي فصبرت واحتسبت ابنها ابتغاء مرضاة الله ورسوله. وقد حزنت حزنًا شديد وبكت فراق الرسول عند وفاته. وقد توفت الصحابية أم أيمن في عصر خلافة عثمان ابن عفان رضي الله عنه.
مرضعات الرسول صلى الله عليه وسلم
كان من عادة أشراف قريش أن يرسلوا أبنائهم إلى مرضعات من البادية حتى ينشئوا على القوة والشجاعة. وعندما ولد النبي الكريم أرسل أهله يبحثون له عن مرضعة من البادية لترضعه، وقد ذُكر أن ثلاث مرضعات أرضعن رسول الله صلي الله عليه وسلم غير أمه آمنة بنت وهب التي قيل إنها أرضعته أسبوعًا واحدًا بعد ولادته كعادة سادة قريش.
ثويبة: وهي مولاة أبي لهب عم النبي وهي أول من أرضعته لأيام قليلة، وقد كانت قد أرضعت قبله عمه حمزة ابن عبد المطلب.
حليمة السعدية: وهي أشهر مرضعات الرسول والتي أتمت رضاعه وقد أخذته معه إلى بيتها ورأت هي وزوجها العديد من البشارات على بركة النبي حينما عاش معهم فأمتلئ منزلهم بالخير والبركة، فأحبوها حبًا كبيرًا وحزنوا لفراقه عندما أتم الرضاعة.
امرأة من بني سعد: وهي كانت مرضعة عمه حمزة ابن عبد المطلب وقد أرضعته عندما كان في رعاية حليمة السعدية، وبذلك يصبح حمزة ابن عبد المطلب رضيع النبي الكريم من جهة ثويبة ومن جهة السعدية.
المعجزات التي حدثت في تاريخ مولد الرسول صلى الله عليه وسلم
حين حملت فيه أمهُ السيدة آمنة قيل لم يُصبها التعب مثل باقي النساء وقد ورد عنها أنها قالت “ما شعرت أني حملت به، ولا وجدت له ثقلة،” كما ورد أنها رأت منام يبشرها بالحمل وأن مولودها سيكون سيد الأمة ونبيها (لم نجد ما يؤكد تلك المعلومات على الرغم من تداولها بشكل واسع).
كما استبشرت أمه بولادته أيضًا حيث رأت نورًا يخرج منها حتى استطاعت رؤية قصور بصر في الشام وهو ما ذكره رسول النبي محمد في قوله -عليه الصلاة والسلام- إني عبد الله في أم الكتاب لخاتم النبيين، وأن آدم لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك: دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، وكذلك ترى أمهات النبيين صلوات الله عليهم (إسناد حسن).
كما ذكر عثمان بن أبي العاص أن أمه قد حدثته أنها شهدت ولادة آمنة في رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فقالت “فما شيء أنظر إليه في البيت إلا نور وإني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى أني لأقول ليقعن علي، فلما وضعت خرج منها نور أضاء له البيت والدار، حتى جعلت لا أرى إلا نورا.”
وبعد أن وضعته أمهُ السيدة آمنة وأرسلت في بشارة إلى جده عبد المطلب فحضر ونظر اليه وأخذه وطاف به الكعبة يدعو الله ويشكر له ما وهبه وأسماه محمد، ولم يكن بالاسم الشائع بين العرب حينها، وحين سئل عبد المطلب عن سر تسميته بهذا الاسم أجب “أردت أن يحمده الله في السماء، وأن يحمده الخلق في الأرض.”
صفات وجه نبينا الحبيب صلوات الله وسلامه عليه
كان وجه النبي صلى الله عليه وسلم في جماله وإشراقه ونوره وصفائه مثل الشمس والقمر، قالت الرُبيع بنت معوذ رضي الله عنها: “لو رأيتَه رأيتَ الشمس طالعة”.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه) رواه الترمذي وصححه الألباني. وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان (مضيئة مقمرة) وعليه حُلَّة حمراء، فجعلت أنظر إليه وإلي القمر، فلهو عندي أحسن من القمر) رواه الترمذي وصححه الألباني.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا) رواه البخاري. وقال كعب بن مالك رضي الله عنه: (وكان إذا سُرَّ استنار وجهه، حتى كأنه قطعة قمر) رواه البخاري.
وقيل عن ملامح وجهه الشريف، كان أسيل الوجه سهل الخدين ولم يكن مستديرًا غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة. واسع الجبين أي ممتد، وعن حاجباه كانتا قويين مقوَّسين، متّصلين اتصالاً خفيفًا، وكانت عينيه واسعتين جميلتين كثيرة الأهداب (الرموش). واتسمت بشرة سيدنا النبي لونها الأزهر وهو اللون الذي ليس بالبياض ولا بالسمرة كما كان ضخم البنية من يراه يهابه للوهلة الأولى قبل أن يعرفه ويحبه.
أحداث سبقت تاريخ مولد الرسول
سبقت ولادة الرسول -عليه الصلاة والسلام- العديد من الأحداث والبشارات بقدوم النبي والانفراج بعد سنوات الظلام ومنها ما يلي:
حفر بئر زمزم
جاءت الرؤية لجد الرسول عبد المطلب في منامه تأمره بحفر البئر فزاره زائر وقال “احفر زمزم. قال: قلت: وما زمزم؟ قال: لا تَنْزِفُ أبداً، ولا تُذَمُّ، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفَرْث والدَّم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النَّمل.” فلما حدد عبد المطلب موقعها وعرف شأنها أخذ معوله ومعه ابنه الوحيد وقتها الحارث بن عبد المطلب وبدأ بالحفر. عندما عرف أهل قريش بالخبر عرضوا مساعدته قائلين انها بئر أبانا إسماعيل ولنا حق فيها ولكن عبد المطلب رفض وقال ” ما أنا بفاعلٍ، إنَّ هذا الأمر قد خُصِصْتُ به دونكم، وأُعطيته من بينكم”.
حادثة عام الفيل
أشهر الأحداث المثبتة بالكتاب والسنة، حينما حاول فيها أبرهة الحبشي غزو مكة وهدم الكعبة حتى يطوف الناس بالكنيسة التي بناها في اليمن وقال علماء أخرون أنها كانت في صنعاء.
وقد ذكر سبحانه هذه الحادثة في كتابه الكريم في صورة مستقلة بها وهي سورة الفيل “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ.”
حيث انطلق أبرهة إلى بيت الله الحرام يريد هدمه على رأس جيش كبير وكان من الدواب التي يركبون عليها الفيل والذي لم يكن معروف للعرف فأصابهم بالذعر ولم تقم قبائل كثيرة بمقاومته حتى أهل مكة تحصنوا في الجبال إلا عبد المطلب جد الرسول والذي واجه أبرهة.
أما الفيل فكان كلما تحرك محو الكعبة وقف حتى بعد ما ضربوه بالمعول في رأسه أبى أن يسير تجاه الكعبة فوجَّهوه إلى اليمن، فهرول، وتوجه الفيل إلى جبل فأرسل الله الطَّير من البحر مع كلِّ طيرٍ ثلاثة أحجار فإذا أصابت أحدَا من الجيش هلك.
نحمد الله الذي رزقنا الإسلام واختصنا برسول كريم، فمولد سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم – صنع تاريخًا جديدًا للعالم فهو هبة الرحمن لينقذ البشرية من الظلام، وهدايتهم إلى الطريق المستقيم.